لماذا تصوفت؟؟؟

بدأت مع الصوفية حين قرأت مجموعة كتب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي....
و كانت أحد اسباب التزامي بالصلاة، فإننا في أرض سورية نعاني من تغلل النصيرية بيننا، و تسرب عقائدهم و أفكارهم بيننا فتجدنا مثلا نستهين بالصلاة و عبادة الله تعالى، و من الأمور الغريبة أن الصوفيين لم يكونوا يصدوننا عن سب الله أو ترك الصلاة، بل كانوا لا يبالون، و يزعمون أخوتنا...
فما إن يجدوا شخصا قد تعرض لنفحة من نفحات الله تعالى تكالبوا عليه يريدون أن يقودوه إلى طريقتهم، فهم يصطادون الشخص المتهيئ الراغب، و لا يتعبون أنفسهم مع الشخص الغير مهيأ...
و هذه سمة عامة فيهم كما وجدت فيما بعد، و أمر يطلب أستاذ الحلقة من طلابه العمل به... خوفا من الشخص أن- يتيه -فيتبع مذهب أهل السلف بفطرته...
و أثار إعجابي الكتاب بكثرة القصص فيه عن الأولياء و الصالحين و أقوالهم و حكمهم و معاملاتهم، و لم يكن ذلك يضرني إلى أن التقاني صديق لي في الجامعة، و لاحظ علي رغبتي في التصوف (اتباعا للإمام الغزالي الذي أحببته)، فاصطادني، و كنت لا أريد الالتزام بحلقات و إنما فقط بطريقة....
ومما يحزنني أني كنت أسأل العديد من الشباب عن الطريقة النقشبندية، ممن أعرف عنهم التزاما و معرفة بالدين فكان أحسن تحذير هو: انتبه... و لم يبين لي أحد أخطاءهم بل لم يمانعوا أن أنتسب لهم...

و بدأت بحلقات يسمونها( حلقات الذكر)، و كان يرفض حينها أن يقول لي من هو شيخي و لم أكن أعرف حينها السبب، الذي تبين فيما بعد و هو :

يعمل الشاب على أن يرتبط بك ارتباطا وثيقا، و يرتبط بأصدقائك، و يعمل على عزلك عزلا خفيفا عن أصدقائك و يكون هو الرابط بينك و بينهم...
و يكون العزل باحتقار مبطن لهم و لمعتقداتهم، و تعظيم و مدح لما هو عليه بطريقة مبطنة خفية، تظهر بكلمات عابرة، لكنها تنكت القلب نكتات تعلق فيه، و يستخدمها فيما بعد عندما تتعلق به، و يعظم الشخص في عينك...

طبعا و قد استغل هذا الشخص قراءتي لإحياء علوم الدين ليبدأ بغرس التعظيم ، فحدثني عن القصة الغريبة في أن الغزالي صلى بأخيه يوما فهرب أخوه، فلما سأل أمه عن سبب هرب أخيه، أخبره أن رأى دما، و فعلا كان الغزالي يفكر بسؤال عن الحيض سئل عنه، فاتبع الغزالي التصوف.. هذا ما أخبرني به عن سبب تصوف الغزالي...
و قصص شبيهة خفيفة الوطء، حتى لا ينفرني، فهم يرمون لك قصصا لا تستعظمها و لا تستبعدها، و يتدرجون في ذلك حتى تؤمن بأن الشيخ يعلم الغيب... و سأتحدث إن شاء الله عن ذلك إن ذكرت..و إن أحياني الله تعالى..

و هو حين يطلب منك يطلب منك العمل بالطريقة، بداية يطلب منك مجرد التقليد: يعني قراءة الفاتحة، ألم نشرح لك صدرك، و حين يطلب الرابطة الشريفة يطلب منك التوسل إلى الله، و من ثم ذكر اسم الله مفردا دون تعظيم... الله الله... بحركة بطيئة تتسارع....
دون أن تسأل و تفهم...
حين يفعل ذلك تتوقد لدى الشخص الرغبة في معرفة ما يسميه أسرارا، و أمورا لا يمكنك بعد الاطلاع عليها، لأنك لم تصل بعد....
فيجتهد الشخص في الوصول ليعرف أكثر....

و من الأمور التي يمنحها التأمل المصاحب للطريقة، نوعا من الراحة للدماغ... هي أمر واقعي أنا متأكد منه... و الخدر الخفيف يمشي في كيانك (لعل سببه الجلوس ثابتا بلا حراك و تجمد الدم في أطرافك السفلية)... و ترك التفكر في أي شيء....
فيظن المرء أنه يحصل هذا له بسبب قربه من الله تعالى و تقربه لا، لأنه لا يعلم أن هذه إحدى الطرق البوذية في معالجة التوتر العصبي، و هي كأي دواء آخر... تتناوله للتخلص من مشاكل الجسم...
العيش في توتر و فقدان الأمن و العطش الروحي، و الفراغ الذي يطلب ما يملؤه.... ينسيك التأمل كل هذه الأمور فتطرحها جانبا لتظن أنك لا تحمل أي هم...
(و هذا من الأمور التي تقودك تدريجيا إلى الإهمال و الحمق: الصفة السائدة عند أتباع الصوفية، و التي تغذى فيما بعد بزعم أنها من التوكل المأمور به، و أنك تحصل على ما تريد بالطريقة، و أن جميع أنواع العلم تتعلمها عن طريق الطريقة)
و طبعا في هذه الأثناء تكون تركت الدواء الشافي، لتستعمل المسكن.... فالدواء الشافي للفراغ هو القرآن و السنة و التزام العمل بهما، و مذ قمت بذلك حتى الآن، والله لم أشعر بفراغ روحي، و كلما ابتعدت عنهما، شعرت بفراغ روحي...

أما التأمل، فهو مسكن ينسيك الفراغ و الألم، مع أنه موجود...

المهم..
لما تجتهد و تصل إلى راحة نفسية بتزامن مع تعظيم الشخص المرتبط بك لأنه هو الذي عرفك إلى هذا العمل....
فإذا وجد هذا الشخص أنك بدأت لا تقطع أمرا بدونه، يعرفك إلى جماعتة في التصوف و أستاذهم...
ليتوسع التعظيم، و ينتقل إلى أستاذ الحلقة، بحيل منه و من أصدقائه...


سأكتفي....لأتابع فيما بعد إن شاء الله و كتب لي ذلك..
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم..
و الحمد لله رب العالمين..
__________________